روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

النظرية اللينينية حول الإمبريالية هي إرشاد لكفاح الشيوعيين

  • •  بعض المسائل حول عمل لينين "الإمبريالية المرحلة العليا للرأسمالية - الذي يكمل في عامنا هذا، عامه اﻠ100 

 

مقال ليورغوس مارينوس عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني

على نحو يومي يتأكد أن واقع تعقيد التطورات الاقتصادية والسياسية على المستوى الدولي والقومي، يقتضي بذل محاولة منهجية جادة جداً لتطوير العمل النظري من جانب كل حزب شيوعي، كما و صياغة بنية تحتية متينة من شأنها القدرة على دعم الصراع الأيديولوجي المستقل للشيوعيين، و الصراع داخل النقابات و الحركة العمالية الشعبية.

حيث يتمثل واجب دائم و ثابت في دراسة تطور النظام الامبريالي - الرأسمالي و حلقاته، و الدول الرأسمالية، والتقدير الدقيق حول الموقع الذي تتبوؤه كل دولة في النظام الإمبريالي، لكي تكون صياغة الاستراتيجية والتكتيك الثوريين مبنية  على أساس معطيات فعلية موضوعية تظهر بأن عصرنا هو عصر الإنتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية.

و تمتلك الأحزاب الشيوعية ميزة كبيرة، لكونها تمتلك في أيديها عمل ماركس  و إﻨﮔلز و لينين الذي لا يستعاض عنه،  و تمتلك مرشدا هو النظرية الماركسية اللينينية الكونية.

و تتعلق هذه الميزة الثمينة أيضاً، بعمل لينين "الإمبريالية المرحلة العليا للرأسمالية"  الذي كُتب عام 1916، بعد عامين من اندلاع الحرب العالمية الإمبريالية الأولى، وذلك مع استخدام معطيات هائلة حول مسار الرأسمالية و تناقضاتها والتغيرات الناجمة عن تطورها. وخاصة تلك التي أحدثتها أزمة عام 1873 في تركيز رأس المال و ولادة وحدة اقتصادية أرقى ، أي الإحتكار، حيث خلُص إلى استنتاجات علمية حول الفترة الجديدة للرأسمالية، أي مرحلتها الإمبريالية.

و بذات الدقة العلمية درس لينين المسائل السياسية الناشئة وأعطى الثقل إلى المكان التاريخي للرأسمالية، في مرحلته الإمبريالية الأخيرة، معلماً ضرورة ربط الاقتصاد بالسياسة، و مانحاً الأحزاب الشيوعية و الطبقة العاملة مدداً لا يقدر بثمن.

                                       ما هي الإمبريالية

أولا، إن الإمبريالية هي الرأسمالية ضمن حقبة تاريخية بدأت في أواخر القرن اﻠ19 و بدايات القرن اﻠ20، و وفقا لأقصر تعريف قدمه لينين فإن: "الإمبريالية هي المرحلة الاحتكارية للرأسمالية"، مشيراً إلى أن هذا التعريف ليس كافيا لإعطاء مجمل جوهرها و مضمونها.

و في عمله "الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية"، قدَّم لينين تعريفاً متكاملاً، مبرزاً سماتها الاقتصادية الرئيسية مع خمسة مميزات:
1) تركيز الإنتاج ورأس المال، و هو الذي وصل إلى درجة عالية من التطور، لكيما تنشاً الاحتكارات التي تلعب دورا حاسما في الحياة الاقتصادية.


2) اندماج رأس المال المصرفي مع الصناعي و نشوء طغمة مالية فوق قاعدة هذا الرأسمال المالي.


3) امتلاك أهمية كبيرة للغاية لتصدير رأس المال في تمايز عن تصدير السلع.


4) تشكيل اتحادات احتكارية دولية للرأسماليين، تقوم باقتسام العالم.


5) اكتمال اقتسام أراضي العالم بين أكبر القوى الرأسمالية. إن  الإمبريالية هي الرأسمالية في تلك المرحلة من التطور، حيث تشكلت هيمنة الاحتكارات والرأسمال المالي و اكتسب تصدير رؤوس الأموال أهمية كبيرة ، و بدأ تقسيم العالم من خلال الإحتكارات الدولية وانتهى تقاسم جميع أراضي الكوكب بين أكبر البلدان الرأسمالية ".

حول الموضوع الحاسم: ما هي الإمبريالية؟ يجري صراع شديد ضمن الحركة الشيوعية. حيث تفهم جملة من الأحزاب الشيوعية، الإمبريالية في ظل التقهقر الأيديولوجي والتأثير القوي للرؤى البرجوازية والانتهازية، على أنها (حصراً) اتخاذ الموقف العدواني للولايات المتحدة و غيرها من الدول الرأسمالية العاتية، ضد دول أخرى ذات موقع أدنى ضمن النظام الإمبريالي - الرأسمالي، عبر وسائل اقتصادية و سياسية و عسكرية.

إننا بصدد مشكلة جادة تقود أحزاباً شيوعية نحو العجز عن تحليل التطورات وفق معطيات فعلية، ما دامت مواجهة النظام الرأسمالي وقوانينه في أعلى مراحله أي الإمبريالية، تجري على أنه مجرد عنصر سياسة خارجية عدوانية، و دول رأسمالية عاتية - و كما يقال- فهو يقود نحو إضعاف و فقدان سيادة  الدول الصغيرة، و لفقدان الاستقلال.

إن هذه المقاربة لا تستطيع رؤية النظام الإمبريالي (الرأسمالي) كجملة تتمثل حلقاتها بدول رأسمالية ليست "متطابقة" و لا "متساوية"، بل تمتلك مواقع مختلفة ضمن النظام – ضمن الهرم الإمبريالي-  بسبب عدم التكافؤ و عنصر تمايز قوتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية، و تعجز عن فهم المسألة الأساسية، و هي أن تلك البلدان الرأسمالية الممتلكة لقاعدة احتكارية اقتصادية مصاغة في عصر الإمبريالية، هي متواجدة في مرحلة الإمبريالية.

إن هذا لا يعني أن اليونان متطابقة مع ألمانيا، ولا أن المكسيك متطابقة مع الولايات المتحدة. و لا يعني هذا، تطابق الإستهدافات السياسية لكل دولة رأسمالية أو تحالف، و لا يلغي واقع المناورات و التوافقات التي من المحتمل حصولها في هذه اللحظة التاريخية أو غيرها، دائما مع هدف دائم هو تعزيز مصالح الاحتكارات.

إن كلا عدم التكافؤ الرأسمالي وعدم المساواة في العلاقات الاقتصادية والسياسية، هما قانونان أساسيان للرأسمالية، حيث تخدم أية دولة رأسمالية مصالح الإحتكارات و على حد السواء من موقعها الأعلى أو الأدنى.

وعلاوة على ذلك، فإن الطبقة البرجوازية ذاتها تختار طريق التنازل عن حقوق سيادية، على سبيل المثال في تحالف امبريالي كالاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي، أو ضمن العلاقات الدولية لحماية مصالحها الطبقية الأشمل، و من أجل إيجاد دعائم وإدامة سلطتها. وبالتالي فإن "مسائل السيادة" تمتلك أساساً طبقياً و إن القضاء عليها مرتبط بالقضاء على الأسباب التي تلدها، و يكون عبر إسقاط السلطة البرجوازية.

إن مطابقة الإمبريالية (حصراً) مع السياسة الخارجية العدوانية لدول رأسمالية عاتية و فصلها عن السياسة الاقتصادية (الاحتكارية) يقود نحو فصل مخطئ و على نحو عميق، بين الكفاح ضد الإمبريالية و الكفاح ضد الرأسمالية.
كما أنه يؤدي إلى "تجميل" دور الطبقة البرجوازية في "الدول الأصغر".

إن المشكلة الأكثر خطورة هي مشكلة تغيير هدف الأحزاب الشيوعية. ففي مكان النضال من أجل إسقاط الرأسمالية - الإمبريالية يدخل سعي طوباوي نحو استراتيجيات إعادة الإعتبار للسيادة و الاستقلال ضمن إطار الرأسمالية، عبر تشكيلات سياسية انتقالية، و حكومات إدارة برجوازية تدعى "يسارية" و "تقدمية"، ذات تبعات سلبية على مسار الصراع الطبقي مع تعزيز المعسكر الرأسمالي.

حيث نموذجي هو إسهام الحزب الشيوعي المكسيكي الهام ضمن صراع الحركة الشيوعية، عبر التحليل الذي يتطرق لحالة بلدان أمريكا اللاتينية كاشفاً عن الضرر الناجم عن ما يسمى ﺒ "التقدمية" و ما يسمى ﺒ"اشتراكية القرن اﻠ21"، و هي التي تتحرك ضمن جدران الرأسمالية و تحافظ على السلطة البرجوازية، والملكية الرأسمالية لوسائل الإنتاج، وقانون الربح و الاحتكارات الربح والفوضى الرأسمالية التي تقود نحو الأزمات.

و مع الأخذ بعين الاعتبار مدى خطورة هذه المشكلة، يكتسب تحذير لينين أهمية كبيرة للغاية و هو الذي يشير بشكل قاطع إلى ما يلي: "إذا لم يتم فهم الجذور الاقتصادية لهذه الظاهرة (الإمبريالية)، و إذا لم تقيَّم أهميته السياسية والاجتماعية، فمن غير الممكن القيام بأية خطوة في حل المهام العملية للحركة الشيوعية ".

ثانيا، لقد قام لينين و على أساس الجوهر الاقتصادي والتناقضات المتخللة للإمبريالية، بدراسة و إبراز سماتها السياسية، مقدماً القرائن على أن الإمبريالية هي المرحلة الأخيرة من الرأسمالية، و أنها عتبة الثورة الاشتراكية.

الأهمية الحاسمة لاكتساب الإنتاج والعمل طابعاً اجتماعياً

وأشار لينين (1916) ما يلي: "فالرأسمالية في مرحلتها الإمبريالية توصل رأساً إلى إعطاء الإنتاج صبغة اجتماعية شاملة.... يغدو الإنتاج اجتماعياً، ولكن التملك يبقى فردياً... فعندما يصبح مشروع كبير هائلاً وينظم بصورة منهجية على أساس مراعاة دقيقة للمعلومات العديدة توفير 2/3 أو 3/4 من إجمالي المواد الخام الضرورية لعشرات الملايين من السكان، و عندما يتم بصورة منظمة نقل هذه الخامات إلى أماكن الإنتاج الأحسن ملائمة و التي يبعد بعضها عن بعض أحياناً مئات آلاف الكيلومترات. و عندما يشرف مركز واحد على جميع المراحل  المتتابعة لمعالجة الخامات بما في ذلك إنتاج مجموعة واسعة من مختلف المنتجات الجاهزة. و عندما يجري توزيع هذه المنتجات إلى عشرات ومئات الملايين من المستهلكين، على أساس مخطط واحد (بيع النفط في أمريكا وألمانيا من قبل "تراست النفط" الأمريكي)- عندئذٍ  يصبح من الواضح أننا إزاء اكتساب الإنتاج للصفة الإجتماعية"، (لينين، المختارات، المجلد الخامس: ص: 445 و  570 – 571).

و على أساس ما ذكر أعلاه، يجدر بنا دراسة المنهجية اللينينية مع تركيز تفكيرنا على الأعوام التي مضت منذ 1916 حتى اليوم، حيث تضاعفت معطيات اكتساب الإنتاج و العمل لسمة إجتماعية!!

                             المهام السياسية للأحزاب الشيوعية

إن الإمبريالية هي عشية الثورة الاجتماعية للبروليتاريا. و منذ عام 1917 و حتى الآن نرى أن هذا قد تأكد على المستوى العالمي"(من مقدمة النسخة الفرنسية والألمانية لعمل ف. إ. لينين" الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية ".

ما المسألة الأساسية التي تقدم قرائن هذه الحقيقة العظيمة، و تسمح للأحزاب الشيوعية بالقيام بخطوة جريئة إلى الأمام، و أن تتخطى عوائق خيارات استراتيجية لم تنتفي صوابيتها فحسب، بل تشير إلى فترات تاريخية سابقة، كانت ضمنها الطبقة البرجوازية قوة اجتماعية طليعية في مواجهة الإقطاع؟

إن ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى تدل على الطريق. هي الثورة الاشتراكية في أوائل القرن اﻠ20 في بلد زراعي متخلف نسبيا (و على الرغم من ذلك) فقد كانت قد نشأت ضمنه المقدمات المادية لبناء مجتمع اشتراكى جديد.

لقد تضاعفت ضرورة الاشتراكية في أيامنا الحاضرة، حيث تطورت الرأسمالية كثيرا و صاغت أساساً اقتصادياً (احتكارياً) قوياً مع  بنية تحتية عالية المستوى و وسائط تقنية تسمح بصعود إنتاجية العمل.

إن نضوج المقدمات المادية هو المسألة الأساسية التي حلها، تطور الرأسمالية في مرحلة الإمبريالية، و هو الذي يحدد طبيعة عصرنا كعصر الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية.

و كانت دراسة التطورات و النقاش الجوهري الذي جرى في المؤتمر اﻠ19 للحزب الشيوعي اليوناني (ربيع 2013) قد قدما القرائن على أن اليونان متواجدة في موقع وسيط في الهرم الامبريالي الدولي، مع تبعيات دولية لها نحو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

حيث يُذكر في برنامج الحزب الشيوعي اليوناني الذي اعتمد في مؤتمره اﻠ19 "سيتخلص الشعب اليوناني من أصفاد الاستغلال الرأسمالي و من التكتلات الامبريالية، عند إقدام الطبقة العاملة وحلفائها على إنجاز الثورة الاشتراكية و تحقيق بناء الاشتراكية - الشيوعية.

إن الهدف الاستراتيجي للحزب الشيوعي اليوناني هو تملُّك سلطة العمال الثورية، أي ديكتاتورية البروليتاريا من أجل البناء الاشتراكي الذي يمثل طَور باكورة المجتمع الشيوعي.

أي أن التغيير الثوري في اليونان سيكون اشتراكياً.

و لا يقتصر حزبنا على إبراز ضرورة الاشتراكية، بل يشدد على أساس دراسة التطورات الاقتصادية الاجتماعية، على أن الاشتراكية هي الحل الوحيد البديل و الضروري و الشديد الراهنية.

حيث تنبع المشاكل المزمنة و المستعصية على الحل التي تواجه الطبقة العاملة، من واقع سيطرة وتعزيز وتوسع رأس المال الاحتكاري في جميع قطاعات الاقتصاد والحياة الاجتماعية. حيث غير مسبوق هو تراكم رأس المال المسجل، كما و كبيرة هي زيادة إنتاجية العمل.

و أبرز وقوع الأزمة الاقتصادية الرأسمالية عام 2008 على نحو أكثر طابع النظام الرأسمالي البربري الذي عفا عنه الزمن تاريخيا، و راهنية وضرورة الاشتراكية، و ضرورة إعادة تشكيل الحركة الشيوعية الأممية، و تحرير الحركة العمالية و الشعبية.

و ساهم في مفاقمة عدم التكافؤ و التناقضات الإمبريالية البينية، و في تغيرات في ميزان القوى و في عمليات إعادة ترتيب في الهرم الامبريالي الدولي، و احتدام التناقضات الإمبريالية البينية التي هي أساس الحروب الإمبريالية.

يركز حزبنا انتباهه على تعزيز وإعادة صياغة الحركة العمالية و على بناء تحالف شعبي اجتماعي قوي معبر عن مصالح الطبقة العاملة، و أشباه البروليتاريين و صغار الكسبة و فقراء المزارعين والشباب والنساء من صفوف الطبقة العاملة والشرائح الشعبية، في النضال ضد الاحتكارات والملكية الرأسمالية و ضد إدماج البلاد في الإتحادات الإمبريالية وعلى سبيل المثال في منظمتي الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

و ينص برنامج الحزب الشيوعي اليوناني على ما يلي: "سوف تمر عملية تحشيد و التفاف أغلبية الطبقة العاملة و جذب القطاعات الطليعية من الشرائح الشعبية حول الحزب الشيوعي اليوناني، بمراحل عدة. حيث تُشكِّل جبهات النضال – و على رأسها العمالية منها- مع صيغة (التحالف الشعبي) ذات الأهداف المعادية للإحتكارات و الرأسمالية و مع العمل الطليعي لقوى الحزب الشيوعي اليوناني الجاري في ظروف غير ثورية، مشكِّلة بذلك صياغة لنموذج أساس الجبهة العمالية الشعبية الثورية في الظروف الثورية".

"حيث في استطاعة الجبهة العمالية الشعبية الثورية في ظروف الحالة الثورية و عبر جميع أشكال عملها أن تُصبح مركز الانتفاضة الشعبية ضد السلطة الرأسمالية....".

عن تعفن الرأسمالية

تؤكد الخبرة المكتسبة في الدول الرأسمالية صوابية الموضوعة اللينينية على تعفن الرأسمالية في مرحلة الإمبريالية. حيث تتكاثر ظواهر التعفن والفضائح و ما إلى ذلك.. و مع ذلك فمن المطلوب الحذر، ما دام من الواضح أن تعفن الرأسمالية لا يقود مباشرة إلى إسقاطها، حيث يدافع النظام عن سلطته بكافة الوسائل.  وبالتالي من المطلوب تشديد محاولات الأحزاب الشيوعية لتعزيز الصراع الايديولوجي والسياسي والجماهيري لصياغة وعي طبقي للطبقة العاملة مع استراتيجية مؤاتية  لتطوير الكفاح ضد الإحتكارات و الرأسمالية، و لقيامها بمحاولة منهجية تجري فوق قاعدة متينة من أجل حشد وإعداد القوى العمالية الشعبية  في اتجاه القطع مع النظام و إسقاطه.

نقد لينين للمرتد كاوتسكي

لقد أثبت لينين عبر الممارسة أن النضال ضد الانتهازية هو عنصر مكون من عناصر النضال ضد الامبريالية – الرأسمالية لإسقاطها.

و من هذا الرأي، هناك أهمية كبيرة للكشف عن الموضوعات الخاطئة للمرتد كاوتسكي الذي زعم بأن: "الإمبريالية هي نتاج الرأسمالية الصناعية العالية التطور. وهي تتلخص بنزوع كل أمة رأسمالية صناعية إلى أن تلحق بنفسها أو أن تُخضع لنفسها المزيد و المزيد من البقاع الزراعية ( حرف التشديد لكاوتسكي) بصرف النظر عن الأمم التي تقطنها".

كانت الحرب العالمية الأولى حربا إمبريالية من كلا الجانبين، من جانب الإتفاق الودي ( بريطانيا وفرنسا وروسيا وغيرها) و جانب حلف ألمانيا، فقد كانت حرباً بين ائتلافي دول رأسمالية من أجل اقتسام أراضي العالم، حيث كانت مواقف الانتهازيين تفصل السياسة عن الاقتصاد و ترى الإمبريالية كسياسة ضم الأراضي من قبل الدول الرأسمالية العاتية.

وأكد لينين أن تعريف كاوتسكي "لا يساوي قلامة ظفر لأنه يبرز بشكل وحيد الجانب أي بصورة كيفية، المسألة القومية وحدها (و إن كانت في منتهى الأهمية بحد ذاتها أو في علاقتها مع الإمبريالية) و يربطها بصورة كيفية و غير صحيحة بالرأس المال الصناعي وحده في البلدان التي تلحق الأمم الأخرى، و لأنه يبرز بنفس الصورة الكيفية و غير الصحيحة إلحاق البقاع الزراعية. الإمبريالية هي نزوع إلى الإلحاق -  هذا ما ينحصر فيه القسم السياسي من تعريف كاوتسكي".

و نظراً لقيام سجال و صراع ضمن الحركة الشيوعية، فإننا نريد أن نسجل أن لينين تكلم و بالتأكيد في بداية القرن اﻠ20  عن مجموعة صغيرة من الدول التي امتلكت موقعاً قيادياً في السوق العالمية بفضل الترُستات و الكارتيلات، و المستعمرات و بفضل واقع العلاقات القائمة بين الدول المقرضة و المديونة.

و مع ذلك، فإن لينين يعلمنا بأن الرأسمالية تتطور و أن عدم التكافؤ الرأسمالي قاد و يقود إلى تغيرات مهمة في مواقع الدول الرأسمالية ضمن النظام الإمبريالي.


حيث ثبَُت و عبر الممارسة أنه عبر كفاح الشعوب و إسهام الاتحاد السوفييتي خلال العقود الماضية، أطيح بالنظام الاستعماري و ظفرت البلدان المُستعمَرة باستقلال دولها.

و مع الأخذ بعين الاعتبار لهذا الواقع، فإننا نعتقد بأن ما يوصِّف و بصواب واقع الحركة في عصرنا، من الممكن تلخيصه  في التحليل الذي يؤكد على أن جميع الدول الرأسمالية التي تطورت ضمنها رأسمالية احتكارية و منذ فترة طويلة هي دول مشاركة في النظام الإمبريالي، حيث تسيطر ظاهرة التبعيات المتبادلة و غير المتكافئة و تؤثر كل دولة وفقاً لقوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، على أساس معيار تمثيل و تسويق مصالح احتكارا"ها" .

و تسمح لنا هذه العناصر تفسير دور كل دولة و تحالف وفق معيار طبقي، و تسمح لنا القيام بتموضع تجاه دور تحالف دول رأسمالية، أي مثلاً، تجاه الاتحاد الأوروبي ودول البريكس، و على سبيل المثال، تجاه موقف  روسيا والصين اللتين تفيان بدورهما، لحساب الاحتكارات الروسية والصينية ضمن المزاحمة الدولية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وغيرها، من أجل السيطرة على الأسواق و موارد الثروة الطبيعية و في أيامنا و أكثر من ذلك بكثير، من أجل الغاز الطبيعي و النفط و خطوط أنابيب الطاقة

الخلاصة

إننا نعتقد أن المسألة الأساسية بالنسبة للأحزاب الشيوعية، هي دراسة التطورات مع امتلاك مدد جملة الصفات اللينينية (الموحدة)، و معالجة إستراتيجيتها المبنية فوق حقيقة عظيمة و هي أن الإمبريالية هي الرأسمالية التي تتعفن، و أن عصرنا هو  عصر الإنتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية.

حيث بإمكاننا بعد التسلح بعمل لينين، أن نتغلب على الصعوبات و أن نتموضع على نحو مبدئي في مواجهة الحروب الامبريالية التي هي نتيجة لاحتدام التناقضات و المزاحمات الإمبريالية البينية، و أن نكافح ضد ضغط القوى البرجوازية والانتهازية التي تقود نحو دعم مصالح برجوازية "بلادنا" و التي تجرد الطبقة العاملة من سلاحها و تدينها بالتحرك "تحت راية أجنبية" لتقوم بالإختيار بين الإمبرياليين أو بين التحالفات الإمبريالية.

حيث لا تتعلق هذه النقاط فقط بموقف الشيوعيين ضد الحرب الإمبريالية، بل أيضا بشأن موقفهم ضد التحالفات الإمبريالية و بقضايا أخرى كثيرة في كفاحهم السياسي.

و كان الحزب الشيوعي اليوناني، مؤخرا قد ذكر ضمن تموضع له حول استفتاء بريطانيا والقرار المتعلق باﻠBREXIT :

"تظهر نتائج الاستفتاء البريطاني زيادة سخط  القوى العمالية الشعبية تجاه الاتحاد الأوروبي وسياساته المناهضة للشعب، و مع ذلك، ينبغي على هذه القوى، فك أسرها من خيارات قطاعات الطبقة البرجوازية و قواها السياسية مع امتلاك سمات جذرية مناهضة للرأسمالية.

إن هذه النتيجة توصف إحباط التوقعات التي تمت تغذيتها و على مدى سنوات من قبل جميع الأحزاب البرجوازية – كما في اليونان- و من قبل الأركان الإتحادية الأوروبية،  زعماً بإمكانية تحقيق رخاء الشعوب داخل الاتحاد الأوروبي.
حيث ينبغي ربط ضرورة نجاعة إدانة حلف ذئاب رأس المال، أي الاتحاد الأوروبي، و نجاعة الكفاح من أجل فك ارتباط كل بلد عنه، مع ضرورة إسقاط سلطة رأس المال عبر سلطة عمالية شعبية. حيث يشكل التحالف الاجتماعي للطبقة العاملة مع سواها من الشرائح الشعبية، وإعادة صياغة وتعزيز الحركة الشيوعية الأممية، شرطاً لازماً لفتح هذا الطريق الواعد".

إن هذا الاستنتاج و هذا الاتجاه ينيران فعلياً، طريق إسقاط الرأسمالية، لا تلك المواقف الباحثة و باستمرار عن "عتبات" و "مراحل" فوق أرضية الرأسمالية مع إبراز مختلف البدائل واضعة للعقبات أمام الكفاح الضروري المناهض الرأسمالية الذي يعمل على إسقاط البربرية الرأسمالية.

إن تجربة الحركة الشيوعية تظهر على أن الاستقلال الفكري السياسي والتنظيمي للأحزاب الشيوعية هو مبدأ ذي أهمية كبيرة و هو الذي يقود انتهاكه إلى انحرافات و تهجينات انتهازية.

إن الاستقلال الفكري السياسي والتنظيمي المترافق مع استراتيجية تستجيب للمطالب المعاصرة للصراع الطبقي في اتجاه حشد القوى من أجل إسقاط الرأسمالية، لا للإنحباس ضمن منطق المراحل الوسيطة لإدارة الرأسمالية، هي عبارة عن أدوات هامة جدا في صراع الأحزاب الشيوعية و إعادة تشكيل الحركة الشيوعية.

 

1.09.2016